الرئيسية مقالات

إسرائيل في قبضة الفاشية الجديدة: حين يُقمع السلام وتُستباح المقدسات

 محمد دراوشه
نُشر: 04/08/25 00:08
إسرائيل في قبضة الفاشية الجديدة: حين يُقمع السلام وتُستباح المقدسات

في الأعوام الأخيرة، أصبحت الفاشية في إسرائيل أكثر وضوحًا وجرأة. لم يعد الاستهداف محصورًا في المتظاهرين العرب أو الفلسطينيين فحسب، بل امتد ليشمل كل صوت إسرائيلي يدعو للسلام أو يعارض الفكر العدواني السائد. هذا التوحش السياسي يعكس أزمة أعمق، تهدد مستقبل التعايش في المنطقة، وتكشف أن إسرائيل تتجه سريعًا نحو نمط شمولي لا يتسامح مع الاختلاف ولا يحتمل النقد.

كل من يجرؤ على رفض سياسات الاحتلال أو يدعو للمصالحة، يُعتبر اليوم هدفًا مشروعًا للهجوم. نشطاء سلام يهود، كانوا بالأمس يُحتفى بهم كأصوات ضمير، أصبحوا اليوم ملاحقين ومهمشين. تُستخدم ضدهم حملات تشويه، وتُفتح ملفاتهم الشخصية، وتُوجَّه لهم تهديدات مباشرة، في مشهد يُذكّرنا بكيفية تعامل الأنظمة الفاشية مع معارضيها.

الصحافي الأرثوذكسي إسرائيل فراي طُرد من منزله مع أسرته بعدما دعا للصلاة من أجل ضحايا الحرب من الطرفين، في موقف إنساني أثار جنون اليمين المتطرف. النائب عوفر كاسيف أُوقف عن عمله بعد تصريحات انتقد فيها سياسات الحكومة، ووُجهت له تهمة مبالغ فيها بمقارنة إسرائيل بالنازية. حتى الناشطة الحقوقية زيف ستال، ورغم مواقفها المتوازنة، لم تنجُ من الهجوم الحاد بعد انتقادها لضحايا الحرب في غزة.

أما المنظمات مثل “بتسيلم” و”مقاتلون من أجل السلام”، فهي تواجه تضييقات تعجيزية للحصول على تصاريح للتظاهر، فيما تُقيّد حرية التعبير بشكل شبه تام خارج العاصمة.

اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي لباحات المسجد الأقصى لم يكن حدثًا عابرًا أو استفزازًا محدودًا. بل كان إعلانًا سافرًا عن سيطرة أيديولوجية ترى في المقدسات الإسلامية مجرد أوراق ضغط سياسية. تصريح الوزير بأنه “المسيطر على الأقصى” يُجسّد عقيدة استعمارية لا تعترف إلا بالقوة، وتسعى إلى تكريس الهيمنة على حساب رمزية المقدسات وحق الشعوب في أماكن عبادتها.

ما نراه ليس مجرد تضييق سياسي داخل إسرائيل، بل إعادة صياغة للهوية الوطنية الإسرائيلية بأسلوب فاشي يقوم على نفي الآخر، سواء كان عربيًا، فلسطينيًا، أو حتى يهوديًا مختلفًا. هذه المنظومة تتغذى على خطاب الكراهية والخوف، وتعتبر أن السلام تهديد مباشر لوجودها، لا قيمة تُطمح إليها.